إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
229256 مشاهدة
التفريق بين ذي الرحم في الرقيق


ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذي الرحم في الرقيق .


قوله: (ومن ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن التفريق بين ذوي الرحم في الرقيق):
كذلك من المحرمات في البيوع التفريق بين ذوي الرحم وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التفريق بين المرأة وولدها فقال صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته ويكون هذا في المملوكة إذا كان لها ولد، فباع المملوكة في بلاد، وباع ولدها في بلاد أخرى، أو باع ولدها في طرف البلاد وباع أمه في طرف البلاد الآخر البعيد فتفرقا، فلا شك أنها ستحزن على فراق ولدها وتشفق عليه، وأنها ستتضرر لفراقه، وسيغلب عليها الرحمة والبكاء والرقة فلا تهنأ بعيش، فهذا البائع هو الذي أثم بتفريقهما.
وفي حديث آخر أن عليا - رضي الله عنه- دخل بأخوين طفلين أو شابين مملوكين، فباع أحدهما هنا، وباع الآخر هنا، ففرق بينهما، فلامه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اذهب فاسترجعهما ولا تبعهما إلا جميعا وحيث كانا أخوين شقيقين، كل منهما يحب أخاه، ويشفق عليه، فلا يجوز أن تفرق بينهما.
ويستدل بحديث: من فرق بين والدة وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته فيدخل فيه- وإن لم يكن بيعا- الرجل الذي طلق امرأته ومعها ولد، وانتزع ولدها منها وهي تشفق عليه، وحجبها عنه وحجبه عنها، فإن ذلك داخل في الوعيد.